الثلاثاء، 4 أبريل 2017

الغرافين ...لسعة تخزين أكبر و شحن أسرع

إن التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم بات مرهونا بالتزايد السكاني الكبير على مر السنين و الذي رافقه استهلاك طاقة هائل لتغطية متطلبات المعيشة التي بات تأمينها بأسرع و أكفأ الطرق الحافز الرئيسي للعقل البشري لاكتشاف و تطوير الوسائل المتاحة لديه دافعا بذلك عجلة التطور التكنولوجي لآفاق لا حدود لها سعيا وراء مصادر طاقة أوفر و مستدامة أكثر .
تعتبر عملية رفع كفاءة الخلايا الشمسية  من أبرز و أهم التحديات التي تواجه صناعة الطاقة المتجددة بالإضافة لمشكلة سعة و سرعة التخزين ، و كما هو معلوم إن المكون الرئيسي في الخلايا و البطاريات يعتمد على أشباه الموصلات و العناصر الكيمائية و ما تزال الأبحاث جارية عليها لتحسين أدائها أو إدخال عناصر جديدة أكثر مرونة و ناقليه و ذلك لضمان موثوقية عمل أكبر و كان أبرزها الغرافين الذي ظهر في السنوات القليلة الماضية محدثا  ثورة في عالم التكنولوجيا بمختلف مجالاتها .
ما هو الغرافين ؟
يتصف الغرافين بطبيعة ثنائية الأبعاد على شكل طبقة وحيدة رقيقة جدا (سماكة ذرة واحدة ) من ذرات الكربون المترابطة مع بعضها بالنمط السداسي المميز لخلية النحل و قد أكبسه ذلك ميزات مدهشة من حيث الصلابة و المتانة حيث يعتبر حاليا أقوى مادة معروفة ( أقوى من الفولاذ بـ 200 مرة ) ، كما يتميز بناقليته  العالية للحرارة و للكهرباء بالإضافة لقدرته الكبيرة لتحويل الضوء الساقط عليه لكهرباء و الذي جعل منه بالآونة الأخيرة عنصر مهم في أبحاث تطوير الخلايا الشمسية و البطاريات .

يمكن دمج الغرافين مع عناصر مختلفة بما فيها الغاز و المعادن لإنتاج مواد ذات خصائص جديدة و قد ساهم ذلك في انتشار تطبيقاته في مجالات عدة و هنالك الكثير من المختبرات حول العالم تقوم بالعديد من الدراسات و الأبحاث على خصائص و ميزات هذه المادة الخارقة التي من شأنها إحداث ثورة في عالم الالكترونيات و الخلايا الشمسية و حتى في مجال التخزين و هذا ما جعل من المادة G  (الغرافين) مادة القرن الواحد و العشرون نظرا لمزاياها المبهرة .
كيف نحصل على الغرافين ؟
هنالك العديد من الطرق لإنتاج الغرافين و تختلف من حيث كلفتها و دقتها في الحفاظ على بنيتها السداسية دون حدوث تشويه لها و مدى القدرة على الحصول على اقل عدد ممكن من طبقات الكربون ، و لعل أشهر هذه الطرق تقنية التقشير (الشريط اللاصق) و هي الطريقة التي اتبعاها العالمان الروسيان اللذان لهما الفضل في اكتشاف الغرافين في جامعة مانشستير من خلال تقشير الغرافيت العادي المكون من كم هائل من طبقات الغرافين المتوضعة فوق بعضها إلى رقاقات من الكربون عن طريق تكرار تجزئتها للوصول إلى عدد الطبقات المراد الحصول عليه ، لكن هذه العملية بطيئة و صعبة جدا و مكلفة حيث رقاقة غرافين بحجم ميكرومتر بهذه الطريقة يكلف بحدود1000  دولار مما يجعل الغرافين من أغلى المواد على الإطلاق .
يعتمد النمط الثاني للحصول على الغرافين على ترسيب الأبخرة الكيميائية حيث يمرر غاز الميتان على رقائق من النحاس تم تسخينها لدرجات مرتفعة ومع بدأ تفكك الميتان تتشكل مجموعات من الكربون على هذه الرقائق لتترابط مع بعضها معطية الغرافين لكن تعاني هذه التقنية من تعقيد تقنية  نزع رقائق النحاس عن الغرافين المتشكل و صعوبة إيجاد الرقائق (الركائز) المناسبة لنمو طبقات الغرافين عليها على الرغم من انخفاض تكلفتها بالمقارنة مع طريقة التقشير.
تم التوصل إلى طريقة جديدة في الحصول على الغرافين من قبل فيزيائيين في جامعة كانساس الأمريكية يمكن من خلالها الحصول على كميات جيدة من الغرافين و بجدوى اقتصادية معقولة بالمقارنة مع الطرق الأخرى ، و تعتمد هذه الطريقة على التفجير المحصور لمواد تحوي على الكربون حيث يتم ضخ الأكسجين و غاز الاستيلين أو الايتيلين في حجرة و يتم تفجيرها عن طريق شمعة إشعال (كالتي تستخدم في محركات السيارات) و تتميز بانخفاض كلفتها .
أداء أفضل للخلايا الشمسية مع الغرافين :
لقد كان الهاجس و التحدي الأكبر لدى مصنعي الخلايا الشمسية هو رفع كفاءة عملها ، فكما هو معروف بأن أدائها ينخفض جدا في الأيام الغائمة و الممطرة وهذا بدوره يقلل من امتصاص الأشعة الشمسية لإنتاج الكهرباء لذلك أجريت العديد من الدراسات و الأبحاث للتحسين من قدرة هذه الخلايا حتى في أسوأ العوامل الجوية لضمان موثوقية عمل المنظومة الشمسية بالمجمل و استمرارية التغذية للمستهلكين .
لقد تم تصميم ألواح شمسية من قبل باحثون في جامعة صينية تولد الكهرباء من الشمس و قطرات المطر وذلك بإضافة طبقة من الغرافين إليها ذات الشكل السداسي و التي ستسمح للالكترونات أن تتحرك بحرية فيها ، إن قطرات الماء الهاطلة على سطح اللوح تحوي أيونات موجبة الشحنة مثل الصوديوم، الكالسيوم و الامونيوم مما يجعل الماء و الغرافين(الغني بالالكترونات ) وسط ممتاز لإنتاج الكهرباء بسبب الفرق القوي بالطاقة بين الطبقات .
الغرافين لسعة تخزين أكبر و شحن أسرع :
إن السعي المستمر لتحسين أداء عملية تخزين الطاقة من المحفزات الأساسية للاعتماد على الطاقات المتجددة بشكل جدي و عملي لما لها من دور في استقرار عمل المنظومة الكهربائية و رفع موثوقية الإمداد للمستهلكين . كما هو معروف في مكثفات التخزين أنه كلما زادت مساحة سطح اللبوسين زادت سعة التخزين بسبب ازدياد عدد الشوارد وبالتالي زيادة الكثافة الطاقية  ، إن الغرافين يتمتع بمساحة سطح كبيرة و ناقلية عالية تساهم في رفع قدرة التخزين للمكثفات الفائقة التي تتمتع بسرعة شحن كبيرة جدا خلال زمن قصير حتى تصل إلى ألاف الفارادات  بالمقارنة مع الأنواع التقليدية حيث إدخال طبقات من الغرافين المؤلفة من الكربون الأحادي الذرة ستلعب دورا مهما في رفع أداء عملية التخزين بشكل كبير .
إن الاستفادة من ميزات الغرافين في مختلف مجالات التكنولوجيا من التحديات الكبيرة التي تواجه الباحثين و المهتمين بهذا المجال نظرا لتركيبه المعقد و كلفة إنتاجه المرتفعة ، لقد اتجهت العديد من المنظمات الدولية و الشركات الصناعية للترويج لحملات دعم للغرافين و تخصيص ميزانيات لتطوير الأبحاث المتعلقة به آملين في ذلك رسم معالم الطريق لوصول الغرافين إلى الأسواق التجارية بشكل عملي و خروجه من نطاق المختبرات و الأبحاث .
* مهندسة في كلية الهمك جامعة تشرين – ماجستير انظمة قدرة ( طاقات متجددة) – مدرسة في جامعة الأندلس الخاصة بكلية الصيدلة .
المصدر 
http://www.midline-news.net/%D9%85-%D8%B1%D9%81%D8%A7%D9%87-%D8%B1%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A%D9%86-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA/

ليست هناك تعليقات:

التعليقات

بحث هذه المدونة الإلكترونية