الصفحات

الاثنين، 9 يناير 2017

التحول الكامل للطاقة المتجددة ممكن، وها هي الطريقة




التحول الكامل للطاقة المتجددة ممكن، وها هي الطريقة


إذا كان تحولنا إلى الطاقة المتجددة ناجحاً، فإننا سنوفر نفقات الطاقة المستمرة اللازمة للإنتاج الاقتصادي، وسنكافَأ من خلال الحصول على نوعية حياة مقبولة جداً، -ربما أفضل حتى من نوعية حياتنا الحالية- (وذلك على الرغم من أنه سيتم تحجيم استهلاك معظم الأدوات عن مستوها الحالي الذي لا يمكن تحمله)، وسيكون لدينا مناخ أكثر استقراراً مما إذا ما استمرينا بنهجنا الحالي، وسوف نرى تقلصاً إلى حد كبير في الآثار البيئية والصحية الناجمة عن أنشطة إنتاج الطاقة الحالية.
ولكن التحول سيترتب عليه تكاليف، وذلك لن يكون فقط من الناحية المادية والتنظيم، ولكن أيضاً لجهة تغييرات التي ستطرأ على سلوكنا وتوقعاتنا، وقد يستغرق الأمر ما لا يقل عن ثلاثة أو أربعة عقود، وهذا سيغير جذرياً من طريقة عيشنا.
لا أحد يعلم كيفية إنجاز العملية الانتقالية بالتفصيل، لأن هذا لم يحدث من قبل، فمعظم التحولات السابقة في الطاقة جاءت نتيجة لانتهاز الفرصة، وليس نتيجة لسياسة مدروسة من قبل، وكانت في معظمها مضافة، حيث كانت موارد الطاقة الجديدة تضاف إلى الموارد القديمة (نحن لا نزال نستخدم الحطب، على الرغم من أننا أضفنا الفحم والطاقة المائية والنفط والغاز الطبيعي والطاقة النووية إلى المزيج).
على اعتبار أن ثورة الطاقة المتجددة سوف تتطلب مقايضة مصادرنا المهيمنة حالياً من الطاقة (الوقود الأحفوري) بتلك البديلة (معظمها من الرياح والطاقة الشمسية، والطاقة المائية والطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الكتلة الحيوية) التي تمتلك خصائص مختلفة، فإن هناك احتمالاً لأن نواجه بعض التحديات الكبيرة على طول الطريق.
لذلك، فمن المنطقي أن نبدأ بالخيار الأقرب للتطبيق وتبعاً لخطة موضوعة، ومن ثم مراجعة خطتنا أثناء اكتسابنا للخبرة العملية، والجدير بالذكر هنا إن العديد من المنظمات قامت بالفعل بوضع خطط للانتقال إلى الطاقة المتجددة بنسبة 100%.
كان (ديفيد فريدلي)، وهو عالم في برنامج تحليل الطاقة في مختبر لورانس بيركلي الوطني، يعمل خلال الأشهر القليلة الماضية على تحليل وتقييم تلك الخطط، وقد قام بوضع كتاب حول خطة العمل بعنوان “مستقبلنا المتجدد”، وفيما يلي ملخص قصير جداً له.
المستوى الأول: الأمور السهلة
الجميع يتفق تقريباً على أن أسهل طريقة لبدء المرحلة الانتقالية ستكون من خلال استبدال الفحم بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتوليد الكهرباء، وهذا يتطلب بناء الكثير من الألواح الشمسية وتوربينات الهواء وذلك مع تنظيم إخراج الفحم عن الخدمة، كما أن توزيع المولدات والخزانات (على سبيل المثال وضع ألواح شمسية مزودة ببطاريات مخصصة للاستهلاك المنزلي أو التجاري على الأسطح) يمكن أن يساعد، ولكن مع ذلك، فإن استبدال الغاز الطبيعي سيكون أصعب، لأن هذا الاستخدام قد “بلغ ذروته” مؤخراً، فالمحطات التي تعمل على الغاز غالباً ما تستخدمه للتخفيف من تقطع الرياح على النطاق الصناعي ومدخلات الطاقة الشمسية إلى الشبكة (انظر المستوى الثاني).
تساوي كمية استهلاك الكهرباء أقل من ربع الطاقة النهائية المستخدمة في الولايات المتحدة، ولكن ماذا عن بقية الطاقة التي نعتمد عليها؟ بما أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تنتجان الكهرباء، فإنه من المنطقي أن نحول أكبر قدر ممكن من استخدامنا للطاقة إلى الكهرباء، فعلى سبيل المثال، يمكن تسخين وتبريد معظم المباني باستخدام مضخات حرارة كهربائية ذات مصدر هوائي، لتحل محل الغاز الطبيعي أو النفط، ويمكننا أيضاً أن نبدأ باستبدال مواقد الطهي لدينا الذي يعمل على الغاز بآخر كهربائي.
يمثل النقل رقعة واسعة من استهلاك الطاقة وتمثل السيارات الشخصية أكبر جزء منه، ولكن يمكننا التقليل من استهلاك النفط بشكل كبير إذا تحولنا جميعاً لاستخدام السيارات الكهربائية (استبدال 250 مليون سيارة تعمل بوقود البنزين سيستغرق وقتاً ومالاً، ولكن سوف يؤدي في نهاية المطاف للحفاظ على الطاقة وسيحقق أرباحاً مالية فيما بعد)، كما أن تشجيع الأشخاص على المشي وركوب الدراجات ووسائل النقل العام سيستغرق وقتاً واستثماراً أقل بكثير.
ستتطلب المباني تعديلاً تحديثياً كبيراً لكفاءة الطاقة (وهذا سيستغرق أيضاً وقتاً طويلاً، والكثير من الاستثمار، ولكن سوف يقدم المزيد من الفرص لتوفير المال فيما بعد)، كما ينبغي أن تتطلب قوانين البناء في المستقبل ضمن شروطها تحقيق أداء صافي صفر الطاقة أو شبه صافي صفر الطاقة، كما أن استخدام الأجهزة الموفرة للطاقة يمكن أن يساعد أيضاً.
يعتبر النظام الغذائي مستهلكاً كبيراً للطاقة، وذلك نتيجة لاستخدام الوقود الأحفوري في صناعة الأسمدة، وتجهيز الأغذية وفي النقل، ولكن يمكننا أن نقلل كثيراً من أن استهلاك الوقود من خلال زيادة حصة السوق من الأطعمة المحلية العضوية، وأثناء القيام بذلك، يمكننا أن نبدأ بعزل كميات هائلة من الكربون في الغلاف الجوي ووضعها في التربة السطحية من خلال تشجيع الممارسات الزراعية التي تعتمد على تعزيز التربة بدلاً من استنزافها.
إذا استطعنا الحصول على بداية جيدة في جميع هذه المجالات، فسيكون بإمكاننا تحقيق انخفاض بما لا يقل بنسبة 40% في انبعاثات الكربون خلال 10 إلى 20 عاماً.
المستوى الثاني: الأمور الصعبة
يمكن أن يكون هناك بعض العيوب لتكنولوجيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فهي توفر الطاقة بشكل متقطع، وعندما ستصبح مهيمنة في خليط الطاقة الكلي لدينا، سيكون علينا استيعاب هذا التقطع بالطرق المختلفة، وسنحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة المخزنة على مستوى الشبكة، فضلاً عن إصلاح الشبكة الرئيسي للحصول على قطاع كهرباء أقرب ما يكون إلى القطاع المتجدد بشكل كامل، وسنحتاج أيضاً للبدء بتوقيت استخدام الطاقة لدينا ليتزامن مع توافر أشعة الشمس وطاقة الرياح، وهذا في حد ذاته سيعكس تحديات تكنولوجية وسلوكية.
بعد أن نتحول لاستخدام السيارات الكهربائية، فإن الباقي من قطاع النقل سيتطلب وقتاً أطول وبدائل أكثر تكلفة في بعض الأحيان، فنحن يمكن أن نقلل من حاجتنا للسيارات (التي تتطلب الكثير من الطاقة لتصنيعها وتفكيكها) من خلال زيادة كثافة مدننا وضواحيها وإعادة توجيه سكانها نحو النقل العام، وركوب الدراجات والمشي، كما يمكننا أن نحول جميع وسائل النقل البشرية التي تعتمد على المحركات إلى استخدام الطاقة الكهربائية عن طريق بناء بنية تحتية أكثر اعتماداً على الكهرباء للنقل العام وخطوط السكك الحديدية للتنقل بين المدن، كما يمكن أن نجعل الشاحنات الثقيلة تعمل على خلايا الوقود، ولكن سيكون من الأفضل الحد من النقل بالشاحنات من خلال تعزيز الشحن عن طريق السكك الحديدية، ويمكن أن تستخدم وسائل النقل عن طريق البحر الأشرعة لزيادة كفاءة استهلاك الوقود.
جزء كبير من قطاع الصناعات التحويلية يعمل بالفعل على الكهرباء، ولكن هناك استثناءات – وبعض منها يمكن أن يطرح تحديات كبيرة- فالعديد من المواد الخام التي تستخدم في عمليات التصنيع هي عبارة عن وقود أحفوري (المواد الأولية للمواد البلاستيكية وغيرها من المواد القائمة على البتروكيماويات) أو تتطلب الوقود الأحفوري للتعدين أو التحول (مثل معظم المعادن)، وستكون هناك حاجة لبذل جهد كبير لاستبدال المواد الصناعية القائمة على الوقود الأحفوري، وإعادة تدوير المواد غير المتجددة بشكل أكبر، والحد بشكل كبير من الحاجة للتعدين.
إذا قمنا بكل هذه الأمور، وفي ذات الوقت قمنا ببناء عدد أكبر بكثير من الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، فسيكون بإمكاننا تحقيق انخفاض في نسبة الانبعاثات يصل إلى 80 % مقارنة مع المستوى الحالي.
المستوى الثالث: الأمور الصعبة للغاية
إن التخلص من الـ 20% الأخيرة من استهلاك الوقود الأحفوري الحالي لدينا سيأخذ المزيد من الوقت والبحث والاستثمار، فضلاً عن الكثير من التكيف السلوكي.
مثلاً، نحن نستخدم حالياً كميات هائلة من الخرسانات لجميع أنواع البناء، والعنصر الأساسي في صناعة الخرسانات هو الاسمنت، والاسمنت يتطلب درجة حرارة عالية، والتي يمكن نظرياً أن تقدمها أشعة الشمس أو الكهرباء أو الهيدروجين، ولكن هذا سيؤدي إلى إعادة تصميم العملية بشكل كامل تقريباً.
كما أشرنا في المستوى الأول إلى أنه يجب البدء بإجراء التحول في النظم الغذائية من خلال تشجيع الغذاء العضوي المحلي، فإن التقليل من الانبعاثات الكربونية أكثر سيتطلب جعل إنتاج كامل أنواع الغذاء عضوياً، وسيتطلب من جميع المزارعين تعزيز التربة السطحية بدلاً من استنزافها، كما أن القضاء على جميع أنواع الوقود الأحفوري في النظم الغذائية سيتضمن أيضاً إعادة تصميم تلك الأنظمة إلى حد كبير للحد من المعالجة والتعبئة والنقل.
من جهة ثانية، يشكل قطاع الاتصالات الذي يستخدم عمليات التعدين والكثير من الحرارة العالية لإنتاج الهواتف وأجهزة الكمبيوتر والخوادم، والأسلاك، وكابلات الألياف الضوئية، وأبراج الخليوي وأكثر من ذلك، بعض المشاكل المعقدة حقاً، والحل الوحيد والجيد على المدى الطويل في هذا القطاع هو جعل الأجهزة التي تم تصنيعها تستمر لفترة طويلة جداً ومن ثم اصلاحها وإعادة تدويرها وإعادة تصنيعها عند الحاجة فقط، حيث يمكن الحفاظ على شبكة الإنترنت عن طريق أنواع الشبكات غير المتزامنة والتي تستخدم التكنولوجيا المنخفضة، التي تعتبر حالياً رائدة في الدول الفقيرة، وتستخدم قوة صغيرة نسبياً، والمثال على ذلك يمكن أن يكون شبكات (AirJaldi) في الهند، التي توفر الوصول إلى الإنترنت لحوالي 20,000 من المستخدمين في ست ولايات، وذلك باستخدام الطاقة الشمسية في الغالب.
بالعودة إلى قطاع النقل، فقد أصبح الشحن بالفعل أكثر كفاءة باستخدام الأشرعة، ولكن التخلص من البترول تماماً سيتطلب بدائل مكلفة (خلايا الوقود أو الوقود الحيوي)، وبطريقة أو بأخرى، فإن التجارة العالمية ستتقلص.
ليس هناك بديل لوقود الطيران، لذلك قد نضطر إلى شطب الطيران كوسيلة لأي شيء ما عدا عمله كوسيلة للنقل الخاص، فالطائرات التي تعمل على الهيدروجين أو الوقود الحيوي يمكن أن تكون باهظة الثمن، وكذلك المناطيد المليئة بالهيليوم، وهاتان الوسيلتان يمكن أن تحافظا على إمكانية سفرنا جواً، كما أن تعبيد وإصلاح الطرق دون أسفلت الذي يعتمد على النفط أمر ممكن، ولكن سوف يحتاج إلى إعادة تصميم العمليات والمعدات بشكل كامل تقريباً.
الأخبار الجيدة هي أنه إذا ما فعلنا كل هذه الأشياء، سيكون بإمكاننا الوصول إلى مستوى الصفر في الانبعاثات الكربونية، ومع تنحية الكربون إلى التربة والغابات، فسنكون قادرين  في الواقع على تقليل الكربون في الغلاف الجوي مع مرور كل سنة.
 المصدر
http://nok6a.net/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%84%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AC%D8%AF%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D9%85%D9%83/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق